النهار

منذ استحواذه على شركة "تويتر"، التي تحوّلت لاحقاً إلى منصة "إكس"، شكلت هذه المنصة وسيلة قوية في يد الملياردير إيلون ماسك للتأثير على الرأي العام الأميركي في طريقه لدعم حملة دونالد ترامب الانتخابية، إذ يرى ماسك في "إكس" أداة فعالة لتحقيق رؤيته لأميركا، لكن هذه الرؤية لم تكن بالنجاح ذاته في جانبها المالي.

عندما اشترى إيلون ماسك "تويتر" في تشرين الأول (أكتوبر) 2022 بقيمة 44 مليار دولار، كان هناك توقعات كبيرة بنجاح هذا الاستثمار. لكن، بحسب تقديرات شركة "فيديليتي"  (Fidelity)، انخفضت قيمة المنصة بنسبة تقارب 80%، ما شكّل خسارة ضخمة للمستثمرين الذين دعموه. وعلى قائمة المستثمرين المتضررين نجد أسماء بارزة مثل جاك دورسي، المؤسس المشارك لتويتر، ولاري إليسون، مؤسس "أوراكل" (Oracle)، إلى جانب شركات استثمارية كبرى كـ "أندريسن هورويتز" (Andreessen Horowitz).

مسار غير متوقع
كان المستثمرون يأملون في أن يكرر ماسك النجاح الذي حققه في شركاته الأخرى، مثل "سبايس إكس"  ، المدعومة من عقود حكومية كبرى. لكن الاتجاهات في "إكس" لم تكن بمستوى الطموحات، الأمر الذي جعل سبعة بنوك كبرى، مثل "مورغان ستانلي" (Morgan Stanley) و"بنك أوف أميركا" (Bank of (America، تواجه خسائر محتملة في القروض التي قدمتها لتمويل الصفقة.

أحد التحدّيات الكبرى التي واجهتها منصة "إكس" كانت سياسة المحتوى الجديدة. فبعد استحواذه، ألغى ماسك الحظر المفروض على ترامب وأعاد النظر في سياسات الرقابة التي فرضتها إدارة تويتر السابقة. ونتيجة لذلك، قرر عدد كبير من الشركات الكبرى مثل "ديزني" و"كومكاست" (Comcast) إيقاف إعلاناتها على المنصة، بعد أن أثار ماسك الجدل بدعمه منشوراً يروّج لمعلومات خاطئة عن اليهود.

كما لم يفِ ماسك بوعوده السابقة في محاربة الحسابات الوهمية التي قدرها بنحو 20% من إجمالي الحسابات، مقارنةً بنسبة 5% التي كانت تزعمها "تويتر" سابقاً. وخلال حدث "سوبر بول" (Super Bowl) لهذا العام، قدرت شركة CHEQ للأمن السيبراني أن نحو 76% من زيارات موقع "إكس" كانت من حسابات وهمية.

انخفاض عائدات الإعلانات وتراجع عدد المستخدمين
مع فقدان المنصة عائدات الإعلانات، أصبح ماسك يسعى إلى زيادة الإيرادات من خلال إطلاق خدمات اشتراك شهري، تشمل خيارات لتعديل المنشورات وكتابة نصوص أطول. لكن المحللين يشكّكون في قدرة هذه الخدمات على تعويض الانخفاض الكبير في عائدات الإعلانات، التي قدرها موقع "إيماركيتر" (eMarketer) بانخفاض 52% في عام 2023، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر بنسبة 4.3% هذا العام.

وفي ما يخص عدد المستخدمين، أظهرت أبحاث "سيميلار ويب" (Similarweb) أن منصة "إكس" اجتذبت 527.2 مليون زائر فريد في أيلول (سبتمبر) 2024، مقارنة بـ 523.4 مليون زائر في الشهر نفسه من العام الماضي. ومع ذلك، شهدت المنصة انخفاضاً بنسبة 7.9% في عدد المستخدمين النشطين شهرياً في الولايات المتحدة وبنسبة 17.4% في المملكة المتحدة، ما يشير إلى تراجع الاستخدام النشط للمنصة في بعض الأسواق.

تقليص التكاليف وكسب دعم بعض المستثمرين
على الرغم من الخسائر، يواصل ماسك خطواته لتقليل التكاليف، حيث استغنى عن 80% من القوة العاملة في "إكس" لتخفيف الأعباء المالية. وبعض المستثمرين يصرون على أنهم غير نادمين على استثماراتهم، ويقيمون حصصهم في المنصة بالقيمة الأصلية، على الرغم من الانخفاض الواضح في السوق.

مع اقتراب الانتخابات الأميركية، يبرز تساؤل حول قدرة "إكس" على استعادة زخمها كمنصة رئيسية، خاصة إذا فاز ترامب في الانتخابات. يرى بعض المحللين أن زيادة التفاعل من قبل المستخدمين قد تساعد في جذب عدد من المعلنين، لكن من غير المؤكد أن تكون هذه العائدات كافية لتعويض الخسائر الكبيرة التي تكبدتها المنصة في الفترة الماضية.

في النهاية، يعتمد مستقبل "إكس" على قدرة ماسك في تقديم قيمة مضافة حقيقية، سواء عبر تحسين عائدات الإعلانات أو توسيع قاعدة المستخدمين بشكل مستدام، في ظل تصاعد التحديات من المنافسين وتزايد الضغوط من الجهات المعلنة.