وبينما برز "تيك توك" كمنصة أساسية في المعارك الانتخابية الأميركية، تمتلك الحملة الانتخابية لهاريس، المعروفة باسم "Kamalahq"، 5 مليون متابع وأكثر من 223.9 مليون إعجاب عبر جميع مقاطع الفيديوعلى المنصة، أمّا على حسابها الشخصيّ فلديها 12.6 مليون متابع و74.5 إعجاب. وبالمقارنة، فإن ترامب لديه 12.6 مليون متابع و81.3 إعجاب.
المنصات في السباق الانتخابي
لطالما ركز ترامب على بث شعارات حماسية مثل "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، ساعياً لتوليد الشعور بالقومية. وشهدت انتخابات 2016، حين حقق ترامب فوزه بالولاية، استخدام وسائل التواصل كأداة قوية في حملته تفتقر إلى الرقابة القانونية.
وفي مقلب مغاير، برزت "إكس" كمصدر رئيسي للأميركيين المتعطشين للحصول على أخبار اللحظة، مثل المعلومات الأولية عند محاولة اغتيال ترامب. وحققت "إكس" التحول الأكثر دراماتيكية، فاستخدمها الملياردير إيلون ماسك، الداعم لترامب، وصارت وجهة لقادة الأعمال والتكنولوجيا لدعم آرائهم السياسية. ومع الوقت، تبلورت لتنتشر فيها نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة مع عدد أقلّ من الحواجز والمراقبة.
أمّا عندما أراد ترامب الردّ على محاولة اغتياله لجأ إلى منصته "تروث سوشيال"، وحينما اختار السيناتور جي دي فانس نائباً له أيضاً. وكذلك، لم يختر الرئيس جو بايدن في إعلانه الانسحاب من سباق الانتخابات البيت الأبيض منبراً له. وتجاوز كذلك وسائل الإعلام التقليدية، معلناً الخبر على "إكس" و"إنستغرام".
هاريس على "زووم"
بينما كانت التطبيقات مثل "تيك توك"، و"فايسبوك"، و"يوتيوب"، و"إكس" تهيمن على المشهد الانتخابي، برز "زووم" هذه المرة كأداة رئيسية. وركزت هاريس على تنظيم التجمعات الافتراضية عبر "زووم"، مما منح التطبيق دوراً غير متوقع. وأصبح منصة أساسية في عمليات التنظيم السياسي، خصوصاً بين الديمقراطيين الداعمين لها.
ومن بين أبرز التجمعات، ظهر "White Dudes for Harris" الذي جمع مؤيدين لهاريس من أصحاب البشرة البيضاء، واستطاع جذب أكثر من 4 ملايين دولار لدعم حملتها. ورغم دور "زووم" في هذه الانتخابات، لا تزال المخاوف الأمنية تُثير القلق بعد تعرض بعض الفعاليات للاختراق في الماضي.
المؤثرون: قوة في توجيه الرأي العام
تتجه الأنظار نحو انتخابات الخامس من نوفمبر، التي ستحدد من سيكون الرئيس الـ47 للولايات المتحدة. ويسعى كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري للاستفادة من تأثير المؤثرين في الترويج لسياساتهما. ومع تصاعد الحملة الانتخابية، أصبح لصوت مجموعة من الشخصيات تأثير أكبر على الجماهير قد يفوق ما حققه بعض السياسيين.
وعلى رأس اللائحة يبرز إيلون ماسك والذي إلى جانب دعمه المعنوي، أسس لجنة سياسية لدعم حملة ترامب مالياَ وتنظيمياَ. كما أعلن ترامب عن نيته تعيين ماسك في لجنة حكومية لتحسين كفاءة العمل الحكومي في حال فوزه، ويعكس هذا التعاون التحالف العميق بين الرجلين.
ومن الجهة المقابلة، كانت قد صرحت المغنية تايلور سويفت لأكثر من 280 مليون متابع على "إنستغرام" أنها ستصوت لهاريس "لأنها تناضل من أجل الحقوق والقضايا". وحصد المنشور أكثر من 4.3 مليون إعجاب على التطبيق بعد ساعتين من نشره.
خلاصةً، لا يمكن التغافل عن تطور منصات التواصل وانتشارها لناحية المشاركة السياسية الواسعة، والانطلاق منها لإشكالية تتناول العلاقة وجدليتها بين المنصات وخيارات الشعوب، وتالياً إلى فرضية دور التكنولوجيا في عملية التغيير السياسي. وتترافق مع هذا طبعاً مخاوف الناس من التلاعب بالمعلومات في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى معلومات موثوقة أكثر من أي وقت. إذ بات لا يغفل اليوم أنّ هناك العديد من الطرق التي تُستخدم بها الأدوات الرقمية والمنصات لإغراق مساحات المعلومات لدينا دون علمنا طبعاً.
ومع الاعتماد على المنصات في الاستحقاقات السياسية الكبرى تتزايد التحديات. وتضغط الأدوات الرقمية على مجرى الانتخابات، خاصةً عبر إنشاء ما يُسمّى بـ"فقاعات المعلومات" جراء تعرض الجمهور للمعلومات التي تُؤكد آراءه ولا تخالفه، مما يُعيق الحوار البنّاء. وثمة إمكانية لأن تُؤثر خوارزميّات المنصات على ما يراه الجمهور، بما في ذلك التحيّزات المتضمنة. ولعل السؤال الأبرز اليوم يتمثل في كيفية تعامل الجمهور مع المنصات وتأثيرها على تصويته، إن كان لصالح ترامب أو هاريس.