النهار

إيلون ماسك وتأثيره السياسي: من دعم ترامب إلى طموحات تتجاوز الأعمال
المصدر: النهار
مع اقتراب يوم الانتخابات، يجد إيلون ماسك نفسه في قلب مشهد سياسي غير معتاد، رغم عدم وجود اسمه على بطاقة الاقتراع.
إيلون ماسك وتأثيره السياسي: من دعم ترامب إلى طموحات تتجاوز الأعمال
إيلون ماسك في اجتماع لدعم حملة ترامب – لانكستر، بنسلفانيا ( أ.ف.ب)
A+   A-

مع اقتراب يوم الانتخابات، يجد إيلون ماسك نفسه في قلب مشهد سياسي غير معتاد، رغم عدم وجود اسمه على بطاقة الاقتراع. بينما يقدّم السياسيون الأميركيون حججهم الأخيرة لاستمالة الناخبين، يسهم ماسك في هذا السباق بدعمه العلني للرئيس السابق دونالد ترامب، في معركة سياسية تمثل اختباراً حقيقياً لدوره المتزايد كفاعل مؤثر في الساحة السياسية.


قبل أيام من الانتخابات، شارك ماسك آراءه مع أكثر من 200 مليون متابع على منصته "إكس"، مغرّداً بأن "رئاسة ترامب الثانية ستكون أكثر الأوقات إثارة لأميركا منذ فترة"، مضيفاً أن خوارزميات منصته تميل لدعم ترامب وتعزيز ظهوره أمام المستخدمين.

ماسك في السياسة: أبعاد ودوافع
دعم إيلون ماسك للرئيس السابق دونالد ترامب تتجاوز حدود المصالح التجارية لشركاته "سبايس إكس" و"تسلا"، لتعكس طموحاته وأبعاد شخصيته. استثمر ماسك ما يزيد على 118 مليون دولار في لجان سياسية تدعم ترامب، وشارك بشكل ملحوظ في الحملات الانتخابية في ولاية بنسلفانيا لدعم الجمهوريين، ما أثار تساؤلات حول تحوله التدريجي إلى شخصية ذات ثقل سياسي، وهل يمثل ذلك مؤشراً لطموحات أكبر في هذا المجال.

في حدث انتخابي بالقرب من بيتسبرغ، سألته إحدى الحاضرات عن احتمالية ترشحه للرئاسة في عام 2028، وأجاب ماسك، الذي هاجر من جنوب إفريقيا، بأن الدستور الأميركي يمنعه من ذلك، مضيفاً أنه لا يرغب في دخول الساحة السياسية بشكل مباشر، ويفضّل التركيز على "بناء الصواريخ والسيارات" بدلاً من الترشح للرئاسة.
ورغم تأكيده المتكرر بعدم السعي للرئاسة، ظهر ماسك الشهر الماضي بجانب ترامب في تجمّع سياسي في ولاية بنسلفانيا، مرتدياً قبعة "MAGA" السوداء، ما أثار جدلاً واسعاً. وتبدو هذه الانتخابات كساحة معركة لا تقتصر على ثنائية الجمهوريين والديموقراطيين، بل تمثل صراعاً بين قيم متضاربة، حيث ينظر كل طرف إلى الآخر وكأنه "الشيطان".



أسباب التأييد السياسي
تسييس ماسك لم يأتِ من فراغ، بل تفاعل مع عوامل شخصية وسياسية. فقد شعر ماسك بالإهمال من إدارة بايدن، التي لم تُثنِ بشكل كافٍ على دوره في تطوير صناعة السيارات الكهربائية، كما أزعجه التحول الجنسي لابنه ليصبح ابنته، ورفضه الشديد للتيار السياسي التصحيحي. ورغم أن ترامب لم يكن خياره الأول، انحاز ماسك للمرشح الوحيد الذي لا ينتمي لإدارة بايدن.

بعد محاولة اغتيال فاشلة استهدفت ترامب في تموز (يوليو) الماضي، أظهر ماسك دعمه العلني له، وأصبح يغرّد بشدّة، لدرجة أنه وصل في تشرين الأول (أكتوبر) إلى معدل تغريدات تجاوز 100 تغريدة يومياً. ويرى مؤيدوه أن تغريداته تدعم حرّية التعبير وتسلّط الضوء على قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وتزوير الانتخابات، بينما يندّد منتقدوه بمحتوى تغريداته التي يعتبرونها مليئة بالمعلومات المضللة.


منصة "إكس": أداة أساسية 
استحواذ إيلون ماسك على منصة "تويتر"، التي أعاد تسميتها إلى "إكس"، لم يكن بدافع الربح، وإنما لتحقيق هدف أسمى – حرّية التعبير، بخاصة للمحافظين الذين، حسب رأي ماسك، تمّ تهميشهم لوقت طويل. ماسك أوضح أن هدفه هو إعادة التوازن لصالح من يعتقد أنهم صُودرت أصواتهم. ولتحقيق هذا الهدف، قام بتقليص أعداد الموظفين بشكل كبير ونقل مقر الشركة إلى تكساس، بعيداً عن "فيروس الوعي الواعي" المنتشر في سان فرانسيسكو، بحسب وصفه. هذا التغيير الجذري أثار استياءً في سان فرانسيسكو، ولكنه قوبل بالترحيب والإعجاب في مناطق أخرى، لا سيما في ولاية بنسلفانيا.
وفي مشهدٍ يعكس انقساماً أوسع في المجتمع الأميركي، تأتي هذه الخطوة كجزء من مساعي ماسك لتعزيز تأثيره السياسي وحماية حرّياته المزعومة، ما جعله شخصيةً مثيرة للجدل في الانتخابات الحالية.



سكرتير لخفض التكاليف
دعم ماسك لترامب قد يأخذه إلى أدوار جديدة. فقد أعرب عن استعداده ليكون "سكرتير خفض التكاليف" في حال فوز ترامب، واقترح خفض الإنفاق الفيدرالي بنحو الثلث. وأثارت تصريحاته هذه حماسة الجمهوريين الذين يعتقدون أن الحكومة الفيدرالية أصبحت ضخمة وتحتاج إلى تقليص.



ماذا بعد؟
رغم نفيه المستمر لطموحاته السياسية، يبدو أن ماسك يهدف لأدوار أعمق وأكثر تأثيراً من مجرد العمل كمتطوع في الحملات الانتخابية. هذا التوجّه يبدو واضحاً في تفاعله المستمر مع جمهوره، حيث يشير البعض إلى أنه يسعى لتكوين مكانة شبه ديبلوماسية، ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سؤاله ذات مرّة عمّا سيفعله لو كان رئيساً للولايات المتحدة، ليجيبه ماسك مازحاً: "ليس رسميا".

يبقى السؤال الآن: هل سيستمر ماسك في لعب هذا الدور السياسي المتنامي، أم أن له خططاً أكبر تترقب نتائج هذا السباق الانتخابي الساخن؟

اقرأ في النهار Premium