بات إيلون ماسك، أحد أغنى رجال العالم، يمتلك فرصة استثنائية لإعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية الأميركيّة، بعد دوره المؤثر في نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية. هذه الفرصة تتيح له تعيين حلفائه داخل الإدارة الجديدة وتوجيه السياسات نحو تقليص النفقات الحكومية وتخفيف القيود التنظيمية التي يرى أنها تعوق الابتكار. وقد واصل ماسك تأثيره على الإدارة الأميركيّة، حيث شارك أخيراً في مكالمة هاتفية بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمناقشة القضايا المتعلقة بالحرب هناك.
الدور الحكومي الجديد لماسك
أعرب ماسك عن استعداده لتولّي دور قيادي في واشنطن كرئيس لوزارة جديدة تحمل اسم "وزارة كفاءة الحكومة". وقد تعهّد بتقليص الميزانية الأميركيّة بمقدار 2 تريليون دولار وتسريح مئات الآلاف من الموظفين، ضمن ما وصفه بـ"البيروقراطية الواسعة". ورغم ذلك، سيبقى ماسك محتفظاً بسيطرته على شركاته الكبرى مثل "تسلا"، و"إكس"، و"سبايس إكس"، و"نيورالينك". وعوضاً عن التدخّل الشخصي المباشر في الإدارة، يخطط ماسك لتعيين مقرّبين منه من الخبراء والشركاء الاستراتيجيين في الوكالات الحكومية، لتنفيذ رؤيته.
شبكة علاقات ماسك القوية
يصف ماسك هذه المرحلة بأنها "وقت حاسم لإصلاح الحكومة"، ويعتمد على مجموعة صغيرة من المستشارين المقرّبين لإدارة أعماله المتعددة، حيث يُكلّفون بمهام صعبة، مثل تقليص أعداد الموظفين وتغيير الاستراتيجيات وتطبيق جداول زمنية صارمة. من أبرز هؤلاء، ستيف ديفيس، رئيس شركة "ذا بورينغ كومباني" (The Boring Company) التي يملكها ماسك، والذي ساهم بشكل رئيسي في تخفيض عدد موظفي "إكس" بنسبة 80% بعد استحواذ ماسك عليها عام 2022. كما يُعدّ عماد أفشار، المسؤول عن بناء مصنع "جيغا تكساس" (Giga Texas)، من الأفراد الرئيسيين الذين يعتمد عليهم ماسك في تنفيذ المهام الصعبة.
التأثير السياسي والإعلامي
تحول ماسك بمنصة "إكس" (تويتر سابقاً) إلى قوة مؤثرة للتواصل مع الجمهور والتأثير في السياسة، حيث أصبحت المنصة وسيلة لنشر الأخبار المؤيدة لترامب وجمع قوى وادي السيليكون والممولين حوله. كما ساهم مستثمرو رأس المال المخاطر، مثل ديفيد ساكس وجيسون كالاكانيز، بدور فاعل بعد الاستحواذ، من خلال مشاركتهم في "غرفة الحرب" الخاصة بمنصة "إكس" لدعم توجّهات ماسك السياسية.
استراتيجيات التأثير والضغط
أقام ماسك شبكة علاقات قوية تضمّ مستشارين ماليين ورجال أعمال بارزين، مثل بيل أكرمان، الذي يتبادل معه الرؤى حول التجارة والسياسات الضريبية. كما يشمل فريقه جاريد بيرشال، الذي يدير شؤون عائلة ماسك ويشغل مواقع قيادية في شركاته. ومع استمرار ماسك في تعامله مع الحكومة، من المتوقع أن تتزايد علاقاته المؤثرة، لا سيما في ظل دعم ترامب لإنجازات "سبايس إكس" وتطويراتها التقنية المتقدمة.
الصدام مع الوكالات الحكومية
واجهت شركات ماسك تحدّيات عدة مع وكالات حكومية، منها لجنة الاتصالات الفيدرالية التي ألغت اتفاقية بقيمة 886 مليون دولار مع "سبايس إكس" لتقديم خدمات الإنترنت للمناطق الريفية، بسبب مخاوف حول السرعة والموثوقية. وقد بدأ الجمهوريون في مجلس النواب تحقيقاً في هذا القرار، مع توقعات بإلغائه في حال فوز ترامب. إلى جانب ذلك، يسعى ماسك إلى تعيين شخصيات قيادية من "سبايس إكس" في وزارة الدفاع الأميركيّة.
التحدّيات أمام "تسلا" والتقنيات الجديدة
تواجه "تسلا"، العمود الفقري لإمبراطورية ماسك، تحدّيات متزايدة مع الجهات التنظيمية، حيث تستفيد من إعانات ضريبية لدعم السيارات الكهربائية، لكنها تواجه انتقادات من الحزب الجمهوري الذي يشكّك في فعالية هذه السيارات. وتخضع "تسلا" كذلك لتحقيقات حكومية متعلقة بحوادث مرتبطة بأنظمة القيادة الذاتية، مما يضيف إلى التحدّيات التنظيمية. وفي هذا السياق، يسعى ماسك إلى التأثير على القوانين المحلية المتعلقة بالقيادة الذاتية عبر تعيين خبراء في مواقع حكومية، بما يعزز طموحاته لتسريع التقدّم التكنولوجي في هذا المجال.
رؤية ماسك للمستقبل الحكومي
بفضل نفوذه الاقتصادي وشبكة علاقاته القوية، يتطلع ماسك إلى إعادة تشكيل الهيكل الحكومي الأميركي وفق رؤيته الخاصة. لقد أظهر ماسك التزاماً بتحقيق تغييرات جذرية في القطاع الحكومي، مستنداً إلى مسيرته المليئة بالقرارات الجريئة والمغامرات المحسوبة، سعياً إلى مستقبل تزداد فيه الكفاءة وتتسارع الابتكارات لتحقيق طموحاته في مجالي التكنولوجيا والاقتصاد.