ترامب (أ ف ب).
تشعر صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة بقلق متزايد من أن الرئيس القادم دونالد ترامب قد يتّخذ إجراءات تجعل توظيف المهاجرين أكثر صعوبة، ما قد يستنزف مصدراً هاماً للمواهب التقنية في هذا القطاع. ويعبّر العديد من العاملين في وادي السيليكون عن قلقهم من أن تؤثر السياسات الجديدة على تدفّق المواهب العالمية إلى الولايات المتحدة، حيث قال مايكل جريلي، الشريك العام في Flare Capital Partners والمستثمر في قطاع التكنولوجيا الصحية، إن "أي تراجع في تدفق الأشخاص الموهوبين إلى البلاد قد يكون له تأثير سلبي شامل."
سياسات ترامب المناهضة للهجرة وتأثيرها على القطاع التقني
فوز ترامب في الانتخابات قد يؤدي إلى ترحيل جماعي للمهاجرين غير المصرّح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة. إضافةً إلى ذلك، فإنّ وعود حملته الانتخابية تشمل استكمال بناء الجدار الحدودي الجنوبي وإعادة فرض "الحظر الشهير" على السفر، الذي كان قد منع الأشخاص من دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة. في عام 2017، أدّى هذا القرار إلى تشتيت العديد من العاملين في شركات التكنولوجيا ومنعهم من العودة إلى الولايات المتحدة لفترة.
ومع ذلك، فإنّ تأثير ترامب على نظام الهجرة القانوني الذي يتيح للعمال المهرة من خارج الولايات المتحدة الالتحاق بوظائف التقنية، لا يزال غير واضح بشكل كامل. ويصعب تحديد عدد المهاجرين العاملين بشكل قانوني في قطاع التكنولوجيا نظراً لوجود أنواع عدّة من التأشيرات المتاحة لهم، وأبرزها تأشيرة H-1B التي تُعدّ أكبر برنامج للتأشيرات الموقّتة في البلاد، حيث يعمل بها أكثر من 600 ألف شخص في حوالي 50 ألف شركة. ووفقاً لبيانات خدمات الهجرة والجنسية الأميركيّة، فإنّ 65 في المئة من هذه التأشيرات تمّت الموافقة عليها في العام الماضي لمهن مرتبطة بالحواسيب.
التوقّعات المستقبلية لبرامج تأشيرات H-1B في وادي السيليكون
ترى هبة منى عنفر، محامية الهجرة التي تتعامل مع شركات التقنية الناشئة في وادي السيليكون، أن هناك حاجة لتحضير الشركات لما قد يحدث مع بداية العام الجديد. تقول عنفر: "لا أقول إن هناك شعوراً بالقلق المباشر، ولكن هناك حاجة للتحضير لما قد يطرأ من تغييرات".
وترى جيني فيلدينج، الشريكة المؤسسة في شركة Everywhere Ventures للاستثمار، أن سياسات ترامب قد تؤدي إلى تعقيد الوضع بالنسبة للتأشيرات التي تعتبر حيوية للمؤسسين والموظفين الأساسيين الذين يرغبون في بناء شركاتهم في الولايات المتحدة. فقد وقع ترامب خلال فترته الأولى أمراً تنفيذياً يهدف إلى تعليق بعض التأشيرات الموقّتة، بما في ذلك تأشيرة H-1B، ما أثر بشدة على قطاع التكنولوجيا الذي يعتمد عليها بشكل كبير. في تلك الفترة، شهدت معدلات رفض طلبات التأشيرات ارتفاعًا، كما زادت طلبات تقديم إثباتات إضافية لأهلية العمال.
مخاوف من نقص العمالة الماهرة وتأثيره على صناعة التكنولوجيا
تشير صوفي ألكورن، محامية الهجرة من بالو ألتو، إلى أن معدلات رفض تأشيرات H-1B ارتفعت خلال فترة ترامب لتتجاوز 17 في المئة مقارنةً بمعدل 3.2 في المئة فقط في ظل إدارة بايدن. ومع فرض قوانين هجرة أكثر صرامة، قد تواجه صناعة التكنولوجيا نقصاً حاداً في العمالة الماهرة، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19. وصرّح خبراء لموقع Business Insider بأن القطاع بالفعل يواجه نقصاً في العمالة، خاصةً في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يزيد من حدّة التنافس على توظيف ذوي المهارات المتقدمة.
من جانبه، يرى آرون ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة Box وأحد الشخصيات البارزة في وادي السيليكون، أن هناك أملاً في أن يتمكّن إيلون ماسك، الحليف المحتمل لترامب، من تقديم حلول جديدة لقضية الهجرة. وكتب ليفي على منصة "إكس" قائلاً: "نظام الهجرة الحالي للعمالة المهارة عفا عليه الزمن ولا يستجيب لمتطلبات السوق. لدينا طلب كبير على المواهب الرفيعة المستوى للعمل في الشركات وإنشاء الشركات هنا، لكننا لا نسمح بدخولهم بأعداد كافية. إنه موضوع محل اهتمام الحزبين لكن السياسيين لا يتطرقون إليه. ربما يستطيع شخص مثل إيلون أخيراً تغييره."
الذكاء الاصطناعي واستقطاب المواهب من الجامعات
تسعى شركات التكنولوجيا إلى سد الفجوة الكبيرة في مهارات الذكاء الاصطناعي من خلال استقطاب المواهب من برامج الجامعات، حيث تعرض عليهم رواتب تتجاوز الستة أرقام بالإضافة إلى مزايا تفوق ما يمكن أن تقدمه الأكاديميات. وخلال مقابلات إذاعية على مدى السنوات، تحدث ترامب أيضًا عن أهمية جذب "أفضل وألمع العقول"، وأشار خلال ظهوره على بودكاست "All-In" في حزيران (يونيو) إلى أن الطلاب غير الأميركيين الذين يتخرجون من الكليات الأميركيّة يجب أن يحصلوا على بطاقة خضراء.
التأثير المتوقع على مستقبل الهجرة القانونية
ترى صوفي ألكورن أن هناك فرصة للتفاؤل بالنسبة لصناعة التكنولوجيا نظراً لوجود شخصيات جديدة في الدائرة المقربة من ترامب، مثل نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس، الذي لديه خلفية في رأس المال المغامر، وإيلون ماسك الذي يعتبر مهاجراً وقد عمل في الولايات المتحدة بتأشيرة H-1B.