مدن ذكية - دبي
تُعرَّف المدن الذكية بأنها تلك التي تستخدم التكنولوجيا والابتكار لتعزيز جودة حياة سكانها وتقديم الخدمات بكفاءة واستدامة. تعتمد هذه المدن على أنظمة متقدمة لجمع البيانات وتحليلها بهدف تحسين إدارة الموارد والبنية التحتية، مما يجعلها أكثر استجابة لاحتياجات المجتمع والبيئة. بفضل التطور التكنولوجي السريع، أصبحت المدن الذكية نموذجاً للمستقبل، حيث تدمج التكنولوجيا في الحياة اليومية.
في دولة الإمارات العربية المتحدة، برزت المدن الذكية كجزء من رؤية طموحة لتحقيق الاستدامة والابتكار. منذ إطلاق "رؤية الإمارات 2021"، و"مئوية الإمارات 2071"، ركّزت الدولة على تعزيز التحول الرقمي، وبناء مدن ذكية تقدّم تجربة فريدة للمقيمين والزوار. تُعدّ دبي وأبوظبي مثالين بارزين لهذا التطور، إذ تمّ توظيف التكنولوجيا لتغيير نمط الحياة.
التطور التقني في المدن الإماراتية
اعتمدت دبي، إحدى أسرع المدن نمواً في العالم، استراتيجية متكاملة للتحول إلى مدينة ذكية منذ عام 2014. تشمل مبادراتها توفير خدمات حكومية رقمية بالكامل عبر منصة "دبي الآن"، حيث يمكن للمقيمين دفع الفواتير، وإدارة تراخيص المركبات، وحجز المواعيد الحكومية بسهولة من خلال تطبيق واحد. وأطلقت دبي مشروع "دبي الذكية" بهدف جعل المدينة الأكثر سعادة واستدامة على مستوى العالم.
في أبوظبي، يتم التركيز على تطوير البنية التحتية الذكية مثل مشروع "مدينة مصدر"، التي تُعدّ من أكثر المدن استدامة في العالم، حيث تعتمد على الطاقة المتجددة وأنظمة إدارة النفايات الذكية، ممّا يجعلها نموذجاً يُحتذى به في التصميم الحضريّ المستدام.
المدن الذكية الإماراتية تتألّق عالمياً
حققت مدن الإمارات إنجازات لافتة في تطوير المدن الذكية، وفقاً لمؤشر المدن الذكية IMD لعام 2024. وقد تمكنت أبوظبي ودبي من دخول قائمة أفضل 20 مدينة ذكية على مستوى العالم مقارنة بعام 2023. صعدت أبوظبي ثلاث مراتب لتحتل المركز العاشر، بينما قفزت دبي خمس مراتب لتحقق المركز الثاني عشر. والجدير بالذكر أن أبوظبي ودبي هما المدينتان الوحيدتان في منطقة الشرق الأوسط اللتان أدرجتا على قائمة أفضل 20 مدينة.
هذا الإنجاز يعكس التزام الإمارات بالابتكار والاستدامة، ويبرزها كنموذج يُحتذى به في التطوير الحضريّ الذكيّ.
في مقابلة مع "النهار"، قالت الصحافية المتخصصة في الشأن البيئي والمناخي، فرح عطيات: "تمكّنت دولة الإمارات، على مدار الأعوام الماضية، من تحقيق خطوات متقدمة في مجال إنشاء المدن الذكية المستدامة، مما جعلها تتصدر مراتب متقدمة ضمن مؤشر المدن الذكية على مستوى العالم."
وأضافت: "طوّرت دولة الإمارات العديد من المدن الذكية المستدامة، خاصة في أبوظبي ودبي، بدءاً من التخطيط لمدينة مصدر عام 2006، التي تتميز باستخدام الطاقة المتجدّدة مثل الطاقة الشمسية. وتُعتبر مدينة مصدر أول مدينة ذكية مستدامة في الشرق الأوسط تعتمد على نظام لتوفير بصمة خضراء، واستيعاب التوسع الحضري السريع".
وأشارت أيضاً إلى مشروع "زهرة الصحراء" في دبي، قائلة إنه يمثل نموذجاً يُحتذى به في تطبيق تقنيات الطاقة الخضراء والنظيفة. وأكدت أن التركيز في المدن الذكية في الإمارات ينصبّ على كفاءة الطاقة والاستدامة، وعلى تسخير التقنيات الرقمية بهدف رفع كفاءة استخدام الموارد وتقليل الانبعاثات.
وشدّدت عطيات على أن هذه الجهود تُسهم بشكل مباشر في الاستجابة الفعّالة لمواجهة أزمة المناخ، التي باتت تداعياتها المتطرفة تؤثر على كلّ دول المنطقة.
كيف ساهمت التكنولوجيا في تعزيز المدن الذكية؟
التكنولوجيا هي العصب الأساسي للمدن الذكية. من خلال استخدام إنترنت الأشياء (IoT)، يتم جمع وتحليل البيانات من أجهزة الاستشعار المنتشرة في جميع أنحاء المدينة لتحسين الخدمات مثل النقل، والطاقة، وإدارة المرور. على سبيل المثال، تم إدخال أنظمة ذكية لإدارة حركة المرور في دبي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقليل الازدحام المروري.
وأسهمت الإمارات في تطوير منظومات المدن الذكية باستخدام البلوك تشين لتأمين المعاملات الرقمية، والروبوتات لتقديم الخدمات، والطائرات بدون طيار لمراقبة البنية التحتية.
نحو مستقبل مستدام
نجحت الإمارات في بناء مدن ذكية تواكب احتياجات الحاضر وتلبّي تطلّعات المستقبل. من خلال دمج التكنولوجيا في مختلف جوانب الحياة، استطاعت الدولة أن تقدم نموذجاً عالمياً يُحتذى به في الاستدامة والابتكار الحضري.