نُشرت مقالة في صحيفة "فايننشال تايمز" بقلم كريس ميلر، مؤلف كتاب "حرب الرقائق"، تحت عنوان "انفجارات أجهزة النداء والرقائق التجسسية: الخطر المتزايد للتلاعب بالأجهزة". تسلّط المقالة الضوء على التهديدات المتزايدة المتعلقة بأمن الأجهزة الإلكترونية ومصدر مكوناتها، وتستند إلى حادثة وقعت مؤخّراً عندما قام الموساد الإسرائيلي بتفجير بطاريات أجهزة النداء الخاصة بحزب الله في لبنان، مما يثير مخاوف جدّية بشأن سلامة سلاسل التوريد العالمية.
ووفقاً للكاتب، ينبغي أن تكون هذه الحادثة تحذيراً قوياً للشركات العالمية التي تركز عادةً على حماية البرمجيات والهجمات السيبرانية، في حين تغفل عن التهديدات المتعلقة بالتلاعب بالأجهزة نفسها. في ظل هذا الوضع، يعتقد ميلر أن الأعداء المحتملين للغرب قد يعتمدون أساليبهم الخاصة لتخريب الأجهزة الإلكترونية، ما يستدعي ضرورة التعامل مع أمن الأجهزة بجدّية أكبر.
يشير المقال إلى أن روسيا تشعر بالقلق إلى درجة أنشأت معهداً خاصاً لفحص الرقائق الإلكترونية الغربية المستخدمة في تصنيع الصواريخ والطائرات من دون طيار، وهو ما يعكس خشيتها من إمكانية التلاعب بهذه المكونات. ويستشهد ميلر بالتاريخ الذي يوضح أن مثل هذه المخاوف ليست جديدة، حيث تمّ الكشف مؤخّراً عن مخططات في الثمانينات نفّذها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) للتلاعب بأدوات تصنيع الرقائق التي كان السوفييت يستوردونها بشكل غير قانوني.
وتؤكّد المقالة على أن مركز صناعة الإلكترونيات قد تحول من الولايات المتحدة إلى آسيا، لا سيما إلى الصين وتايوان، ما يزيد من فرص التلاعب. وفي عام 2018، نُشرت تقارير تفيد أن جواسيس صينيين زرعوا رقاقة صغيرة بحجم حبة الأرز في لوحات الدوائر الخاصة بالخوادم المستخدمة من قبل شركات مثل "أمازون" و"آبل" والبنتاغون. وعلى الرغم من نفي جميع الأطراف المعنية هذه الادعاءات بشدّة، فإن الكاتب يحذّر من التهاون في التعامل مع هذه التهديدات.
كما يشير المقال إلى التحدّيات التي تطرحها الرقائق الإلكترونية المزيفة التي قد تكون مصممة بمعايير جودة منخفضة عمداً، ما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل متنوعة. ففي حين أن الأعطال في الأجهزة المنزلية مثل فراشي الأسنان الكهربائية قد تكون مجرد إزعاج، فإن الأعطال في المعدات العسكرية، مثل الغواصات الأميركية، قد تكون كارثية وتؤدي إلى نشر القوات الأميركية بشكل أقل فعالية في المحيطين الهندي والهادئ.
تلفت المقالة الانتباه إلى أن شركات الدفاع الأميركية ليست الوحيدة التي تعتمد على الموردين غير الموثوقين. فبعض شركات البنية التحتية والاتصالات قد تتعرّض لنفس المخاطر، حيث وجدت دراسة حديثة أن حاملة الطائرات الأميركية الجديدة تحتوي على 6,500 رقاقة صينية. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أنفقت مليارات الدولارات لحماية نفسها من الهجمات السيبرانية، فإن العديد من الشركات الكبرى ما زالت تخصص موارد محدودة للتحقق من مصدر المكونات الإلكترونية في أجهزتها.
ويختم ميلر مقالته بالإشارة إلى حادثة حزب الله كدليل على عواقب تجاهل أمن الأجهزة في سلاسل التوريد المعقّدة. وفيما تمكّن الصحفيون من كشف أن الشركة المجرية التي باعت الأجهزة كانت واجهة إسرائيلية، فإن حزب الله، بحسب ميلر، ليس الوحيد الذي يعتمد على شبكات إنتاج إلكترونية معقّدة تفتقر إلى الرقابة. وعليه، يدعو ميلر الشركات الغربية والحكومات إلى ضرورة زيادة الاستثمار في أمن سلاسل التوريد وفحص مكونات الأجهزة بشكل أكثر دقّة، لضمان تجنّب مثل هذه التهديدات في المستقبل.