قطاع البناء يمثّل مصدرًا رئيسيًا للتلوث، حيث يسهم بنحو 37% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وذلك يعود بشكل كبير إلى استخدام المواد التقليدية مثل الإسمنت والخرسانة التي تولّد كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري. الإسمنت وحده مسؤول عن حوالى 8% من الانبعاثات الكربونية العالمية، مما يجعله هدفًا رئيسيًا للجهود الرامية إلى خفض انبعاثات الكربون في قطاع البناء.
استجابة لهذه التحدّيات البيئية، اتجهت بعض الشركات إلى تطوير حلول مبتكرة، من بينها إنتاج خرسانة خالية من الإسمنت واستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. إحدى هذه الابتكارات هي الطوب الزجاجي المُعاد تدويره الذي يتمّ إنتاجه باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد. هذا الطوب مصنوع من زجاج معاد تدويره، حيث يتمّ إذابة الزجاج المهشم وتحويله إلى مادة قابلة للطباعة. وتمّ تصميم هذا الطوب بآلية تشابك تشبه قطع "الليغو"، مما يجعله سهل الاستخدام في مشاريع البناء.
هذا المشروع يقوده فريق هندسي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT بقيادة كايتلين بيكر ومايكل ستيرن، مؤسس شركة Evenline الناشئة. الطوب الزجاجي لا يتميّز فقط بكونه صديقًا للبيئة، بل يتمتع بقوة كافية تجعله مناسبًا للاستخدام في البناء، وهو يعتمد على مبادئ البناء الدائري الذي يهدف إلى تقليل الكربون المتجسّد من خلال إعادة استخدام المواد.
رغم أن فكرة استخدام الزجاج كمواد هيكلية قد تبدو غير مألوفة نظرًا لهشاشة الزجاج تحت الضغط، يعتقد الباحثون أن الطوب الزجاجي المُعاد تدويره يمكن أن يشكّل فرصة هامة لإثبات أن الزجاج يمكن أن يكون مادة بناء قيّمة وفعّالة.
في حين أنه من غير الواضح متى سيصبح هذا الطوب الزجاجي متاحًا للاستخدام الواسع في البناء، فمن المتوقع أن تستمر الابتكارات البيئية الأخرى مثل الخرسانة المجوفة في الانتشار أولًا، قبل أن نشهد المباني الزجاجية الكاملة.